responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 238
تَعْرِيفَ الْخَبَرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِي غَايَةِ الظُّهُورِ لِأَنَّ الْخَبَرَ فِي الْأَكْثَرِ يَكُونُ نَكِرَةً، لِأَنَّ الْإِخْبَارَ فِي الْغَالِبِ يَكُونُ إِعْلَامًا بِثُبُوتِ أَمْرٍ لَا مَعْرِفَةَ لِلسَّامِعِ بِهِ لِأَمْرٍ يَعْرِفُهُ السَّامِعُ كَقَوْلِنَا زَيْدٌ قَامَ فَإِنَّ السَّامِعَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِزَيْدٍ وَلَا يَعْلَمُ قِيَامَهُ فَيُخْبِرُ بِهِ، فَإِذَا كَانَ الْخَبَرُ أَيْضًا مَعْلُومًا فَيَكُونُ الْإِخْبَارُ لِلتَّنْبِيهِ فَيُعَرَّفَانِ بِاللَّامِ كَقَوْلِنَا زَيْدٌ الْعَالِمُ فِي هَذِهِ الْمَدِينَةِ إِذَا كَانَ علمه مشهورا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ لِكَوْنِهِ حَقًّا لِأَنَّ الْحَقَّ إِذَا كَانَ لَا خِلَافَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كُتُبِ اللَّهِ يَكُونُ خَالِيًا عَنِ احْتِمَالِ الْبُطْلَانِ وَفِي قَوْلِهِ: مُصَدِّقاً تَقْرِيرٌ لِكَوْنِهِ وَحْيًا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ قَارِئًا كَاتِبًا وَأَتَى بِبَيَانِ مَا فِي كُتُبِ اللَّهِ لَا يَكُونُ ذلك إلا من الله تعالى وجواب عَنْ سُؤَالِ الْكُفَّارِ وَهُوَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ بِأَنَّ التَّوْرَاةَ وَرَدَ فِيهَا كَذَا وَالْإِنْجِيلَ ذُكِرَ فِيهِ كَذَا وَكَانُوا يَفْتَرُونَ مِنَ التَّثْلِيثِ وَغَيْرِهِ وَكَانُوا يَقُولُونَ بِأَنَّ الْقُرْآنَ فِيهِ خِلَافُ ذَلِكَ فَقَالَ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ لَمْ يَبْقَ بِهِمَا وُثُوقٌ بِسَبَبِ تَغْيِيرِكُمْ فَهَذَا الْقُرْآنُ مَا وَرَدَ فِيهِ إِنْ كَانَ فِي التَّوْرَاةِ فَهُوَ حَقٌّ وَبَاقٍ عَلَى مَا نَزَلَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَيَكُونُ فِيهِ خِلَافٌ فَهُوَ لَيْسَ مِنَ التَّوْرَاةِ، فَالْقُرْآنُ مُصَدِّقٌ لِلتَّوْرَاةِ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنْ يُقَالَ إِنَّ هَذَا الْوَحْيَ مُصَدِّقٌ لِمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الْوَحْيَ لَوْ لَمْ يَكُنْ وُجُودُهُ لَكَذَبَ مُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ فِي إِنْزَالِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ فَإِذَا وُجِدَ الْوَحْيُ وَنَزَلَ عَلَى محمد صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ عُلِمَ جَوَازُهُ وَصُدِّقَ بِهِ مَا تَقَدَّمَ، وَعَلَى هَذَا فَفِيهِ لَطِيفَةٌ. وَهِيَ أَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ الْقُرْآنَ مُصَدِّقًا لِمَا مَضَى مَعَ أَنَّ مَا مَضَى أَيْضًا مُصَدِّقٌ لَهُ لِأَنَّ الْوَحْيَ إِذَا نَزَلَ عَلَى وَاحِدٍ جَازَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَلَمْ يَجْعَلْ مَا تَقَدَّمَ مُصَدِّقًا لِلْقُرْآنِ لِأَنَّ الْقُرْآنَ كَوْنُهُ مُعْجِزَةً يَكْفِي فِي تَصْدِيقِهِ بِأَنَّهُ وَحْيٌ، وَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ فَلَا بُدَّ معه من معجزة تصدقه.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: إِنَّ اللَّهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ تَقْرِيرٌ لِكَوْنِهِ هُوَ الْحَقَّ لِأَنَّهُ وَحْيٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ خَبِيرٌ عَالِمٌ بِالْبَوَاطِنِ بَصِيرٌ عَالِمٌ بِالظَّوَاهِرِ، فَلَا يَكُونُ بَاطِلًا فِي وَحْيِهِ لَا فِي الْبَاطِنِ وَلَا فِي الظَّاهِرِ وَثَانِيهِمَا: أَنْ يَكُونَ جَوَابًا لما كانوا يقولونه إنه لم لَمْ يَنْزِلْ عَلَى رَجُلٍ عَظِيمٍ؟ فَيُقَالُ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ يَعْلَمُ بَوَاطِنَهُمْ وَبَصِيرٌ يَرَى ظَوَاهِرَهُمْ فَاخْتَارَ مُحَمَّدًا عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَمْ يَخْتَرْ غيره فهو أصلح من الكل.

[سورة فاطر (35) : آية 32]
ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32)
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ اتَّفَقَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْكِتَابِ الْقُرْآنُ وَعَلَى هَذَا فَالَّذِينَ اصْطَفَيْنَاهُمُ الَّذِينَ أَخَذُوا بِالْكِتَابِ وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَالظَّالِمُ وَالْمُقْتَصِدُ وَالسَّابِقُ كُلُّهُمْ مِنْهُمْ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها [الرَّعْدِ: 23] أَخْبَرَ بِدُخُولِهِمُ الْجَنَّةَ وَكَلِمَةُ ثُمَّ أَوْرَثْنَا أَيْضًا تَدُلُّ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْإِيرَاثَ إِذَا كَانَ بَعْدَ الْإِيحَاءِ وَلَا كِتَابَ بَعْدَ الْقُرْآنِ فَهُوَ الْمَوْرُوثُ وَالْإِيرَاثُ الْمُرَادُ مِنْهُ الْإِعْطَاءُ بَعْدَ ذَهَابِ مَنْ كَانَ بِيَدِهِ الْمُعْطَى، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ جِنْسُ الْكِتَابِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ [فَاطِرٍ: 25] وَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا: إِنَّا أَعْطَيْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا وَهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ لَفْظَ الْمُصْطَفَى عَلَى الْأَنْبِيَاءِ إطلاقه كثير ولا كذلك على غيرهم لأن قَوْلَهُ: مِنْ عِبادِنا دَلَّ عَلَى أَنَّ الْعِبَادَ أكابر

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 238
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست